[vc_row][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]”ينبغي الإصرار على تجنيد الجمهور بأسره، وخاصة رؤساء السلطات المحلية والقيادات المحلية، لتنفيذ خطوات نحو التغيير المفهوميّ وإفساح المجال أمام المبادرة إلى البناء للأعلى، على الأراضي الخاصة أيضا، سواء كانت بالملكية أو بالاستئجارـ بصورة فورية”. بهذه الكلمات يتطرق تقرير طاقم الـ 120 يوماً[1]، الطاقم الذي عيّنته الحكومة لوضع خطة لمعالجة “ضائقة السكن في بلدات الأقليات”، والذي شكّلت توصياته أساس الخطة الحكومية الكبرى لدمج المجتمع العربي في الاقتصاد الإسرائيلي ـ وهي الخطة التي عُرفت باسم “القرار رقم 922”[2]. حيال الفصل الإثني المتواصل للحيز والخطوات التشريعية المختلفة[3] في إسرائيل، وفي مقدمتها قانون القومية، والتي تحدّ من حقوق المواطنين العرب في مجال السكن، ينبغي التمحور في اتجاهات تفكير نقدية حول إسقاطات الخطة 922 في البلدات العربية.

تجسد الخطة 922 تغييرا تاريخيا في سياسة الحكومات الإسرائيلية في مجال الأراضي، التخطيط والبناء في البلدات العربية. من اليوم فصاعداً، لم تعد هذه سياسة التجاهل المتواصل، مصادرة الأراضي والإهمال، وإنما سياسة تعترف بوجود الضائقة، لكن تؤطّرها من جديد وسط تدخل فعّال، بغية تغيير ثقافة السكن ونمط الحياة بين السكان العرب.

نلاحظ، خلال السنوات الأخيرة، خطاباً تخطيطياً وسياسياً متزايداً يعرّف ضائقة السكن في البلدات العربية باعتبارها مشكلة “كثرة الأراضي الخاصة”، وليس النقص في الأراضي العامة؛ مشكلة “البناء غير القانوني”، وليس نتاج نقص الخرائط الهيكلية وعدم الاعتراف؛ ومشكلة “الحيازة المحافِظة التقليدية للأرض”، لا الارتباط الأصلاني الجماعي والسياسي بالوطن. هذا الخطاب يضع الضائقة في إطار كونها مسألة “ثقافة سكن تعارض البناء إلى أعلى” (بناء متعدد الطوابق/ الطبقات)، وليس كمناطق ضائقة وفقر تشكلت نتيجة انعدام التطوير، وهو (الخطاب) الذي يحرّك التغيير الاستراتيجي المتمثل في سياسة حكومية تسعى إلى تكثيف البناء متعدّد الطوابق على أراضٍ خاصة من خلال إجراء تخطيطيّ مركَّز وسريع، كما يتجسد الأمر في الخطة 922.

خاض باحثو علم الاجتماع المديني كثيراً في الاسقاطات الاجتماعية المترتبة عن الاحتكاك الدائم والمتواصل بين “غرباء” التي تخلقه سيرورات التكثيف في المدن، وهو ما يُعتبر ثمناً يدفعه الفرد لقاء الامتيازات والأفضليات التي توفرها المدينة مثل فرص العمل، الحيّز العام، التعليم، الثقافة ورغد العيش. إلا أن تكثيف هذه السياسة يحوّل البلدات العربية إلى مناطق فقر متجانسة، تفتقر إلى البنى التحتية المدينية العامة، الاجتماعية والاقتصادية المناسبة. وبذلك، ينشأ “حيّز هجين” مستضعَف عديم القدرة والموارد، بينما يدفع الفرد “ثمن” الكثافة، دون أن يستفيد من “الربح” الكامن في المدينة.

يضيف التقرير إن أحد المعيقات المركزية أمام حل ضائقة السكن في البلدات العربية هو “انعدام الرغبة في البناء لدى أصحاب الأراضي […]. حتى اليوم، لا تُعتبر الأرض مورداً عقارياً، وإنما مُلكاً للأجيال القادمة يجب المحافظة عليه”.

يدل هذا التشخيص على وجود نيّة لتحويل العلاقة بين المواطنين العرب والأرض التي بملكيّتهم إلى علاقة اقتصادية ـ عقارية، من خلال تجاهل الرابط الأصلاني الوطني المميَّز. فالعرب في إسرائيل، كما الشعوب الأصلانية الأخرى في العالم، ينظرون إلى الأرض برؤية جماعية تقوم على تعريف الهوية والمنظومة المجتمعية، مستقبل رفاهيتهم الاقتصادية وصياغة تطلعاتهم السياسية. من هنا، فإن دافع المواطنين العرب إلى حفظ، تطوير ونقل أراضيهم إلى الأجيال القادمة ليس دافعاً اقتصادياً فحسب، بل هو تاريخي ـ سياسي أيضا، انطلاقا من اعتبار الأرض تجسيداً لهويتهم الوطنية ولمكانتهم في المكان.

حيال الرؤية الحكومية الجديدة، من المهم الإشارة إلى ثلاثة من الإسقاطات المركزية المترتبة عن تأطير مسألة الأراضي في البلدات العربية كمسألة “مورد عقاري” ومسألة إدارة أراضٍ خاصة: “(أ) عدم تخصيص أراضٍ عامة للتطوير المستقبلي؛ (ب) تكريس التوزيع غير المتساوي للأراضي الخاصة المحدودة التي تبقت في البلدات العربية، والتي هي، في غالبيتها الساحقة، بملكية مجموعة قليلة من الأشخاص؛ (ت) تعميق الفجوات الاجتماعية، في موازاة اجتذاب الفئات الشبابية إلى خارج مراكز البلدات العربية.

هكذا، إذن، عقدت حكومة إسرائيل، بواسطة الخطة 922، صفقة تبادلية مع السلطات المحلية العربية، تعرض عليها في إطارها ميزانيات ودفع خطط للسكن في مسارات سريعة، مقابل البناء متعدّد الطوابق على أراضٍ خاصة، سوية مع تقييد إمكانيات توسيع البلدات العربية ودفع مخططات هيكلية تؤدي، بالأساس، إلى تكريس الوضع القائم.

هذا التغيير يتم بواسطة إجراءات تخطيطية في مسارات سريعة، الأمر الذي يحدّ من إمكانية إشراك الجمهور وتأثيره الفاعل. وهذا، إضافة إلى منع البناء الجديد دون تراخيص، مع تحميل السلطات المحلية مسؤولية تطبيق القانون، وبالأساس: تحكّم وزارة البناء والإسكان بإجراءات التخطيط، التسويق والتطوير في داخل البلدات العربية بواسطة اتفاقيات استراتيجية مُلزمة تعقدها مع السلطات المحلية.

النتيجة الحيّزية التي تترتب عن هذا التغيير المفهوميّ قد تتمثل في تعميق الضائقة السكنية في البلدات العربية. وإلى جانب ذلك، ثمة لهذا التغيير دلالة سياسية أساسية تنعكس في خصخصة الأراضي، تقليص المُطالبة الأصلانية بالحق عليها وتحويلها من وطن جماعي إلى ملكية فردية وعقارية يمكن المتاجرة بها، التعويض عنها، إعادة تقسيمها من جديد وإفراغها من أي مضمون أو بُعد سياسي وتاريخي.

مع تأطير قضية الأرض لدى الأصلانيين في النطاق العقاري وكمسألة إدارة أراضٍ خاصة، تتحول حقوق الملكية الأصلانية إلى حقوق مرتبطة بالسوق، يجري اعتمادها رأس مال اقتصادياً، من خلال تجاهل القوى التي أتاحت المصادرة والاستيلاء على الأرض، أصلاً. هذه السيرورة تخلق حالة من الاحتواء وعدم التسييس في النضال والمطالب الأصلانية، وتجعل المسألة السياسية المتعلقة بالمصادرة التاريخية مسألة إدارية تدور حول الترخيص، تسجيل الأراضي، تخمينها والتعويض عنها، وتُخفي العلاقة السياسية والاجتماعية المتوارية خلف خطاب “الدمج الاقتصادي”.

يبدو أن هذه السيرورات الهامة ستشهد تصعيدا يضع تحديات أمام حيّز الحياة في البلدات العربية ويعيد تصميمها، كما يحمل تأثيرات على وضع المجتمع العربي من الناحيتين السياسية والاجتماعية. صحيح أن بعض رؤساء السلطات المحلية يحاولون لجم هذه السيرورات ووقفها، لكن مئات الأزواج الشابة والعائلات ستواصل، كما في هذه الأثناء، مغادرة البلدات العربية والانتقال إلى المدن المختلطة.

من أجل تحسين الأوضاع في البلدات العربية، ينبغي التحرك الفوري والعمل لإصلاح الغبن التاريخي المتواصل، بواسطة سلسلة من الإجراءات من بينها توسيع المسطحات وتخصيص مساحات متزايدة من أراضي الدولة؛ تطوير البنى التحتية اللازمة للتشغيل وللمنشآت العامة؛ الاعتراف بالبناء غير المرخّص؛ ترميم مراكز البلدات العربية والدمج الاجتماعي؛ زيادة فرص السكن بما يتلاءم مع طابع البلدة واحتياجاتها؛ إنشاء بلدات جديدة، وبالأساس: إشراك السكان في عملية اتخاذ القرارات التي تصوغ مستقبلهم وتحدده.

 

ترجم المقال من العبرية: سليم سلامة

[1] تقرير طاقم الـ 120 يوما لمعالجة ضائقة السكن في بلدات الأقليات، حزيران 2015.

[2]  قرار الحكومة رقم 922 من يوم 30/12/2015، نشاط الحكومة للتطوير الاقتصادي بين جمهور الأقليات خلال السنوات 2016 – 2020.

[3]  أنظروا، مثلا، التعديل رقم 7 في قانون إدارة أراضي إسرائيل من العام 2009 الذي سرّع عملية خصخصة الأراضي العامة؛ التعديل رقم 8 في أمر الجمعيات التعاونية، الذي نص على أن لجنة القبول في بلدة جماهيرية تضم حتى 400 عائلة تستطيع رفض قبول مرشح “غير ملائم لحياة المجتمع المحلي” وغير ملائم “للنسيج الاجتماعي ـ الثقافي في البلدة”؛ التعديل رقم 116 من العام 2016، الذي نص على تشديد إجراءات التطبيق والعقوبات في مجال مخالفات البناء؛ والتعديل رقم 3 في أمر الأراضي البريطاني من العام 2010 الذي أقرّ تطبيع ملكية الدولة للأراضي التي صودرت، حتى لو لم يتم تحقيق الغرض من المصادرة خلال 25 عاما.[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”عروة سويطات ” image=”1656″]عروة سويطات هو طالب للقب الدكتوراة في تخطيط المدن والمناطق في معهد “التخنيون”، باحث في مجال العلاقات بين الدول والأقليات في العالم
[/our_team][/vc_column][/vc_row]

[vc_row][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]مثل جنوب أفريقيا، التي اعتبرت المدينة المفتوحة والمختلطة “تهديداً”[1] (واللبيب من الإشارة يفهم)، كذلك أيضا تبدي دولة إسرائيل عدم ارتياح من اتساع ظاهرة انتقال العرب إلى السكن في مدن مختلطة. موقف المؤسسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بمناطق السكن المشتركة لليهود والعرب يتجسد، في أوضح صوره، في البند رقم 7 من “قانون أساس: إسرائيل ـ الدولة القومية للشعب اليهودي”، الذي يقرّ بأن “الدولة تعتبر تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وستعمل من أجل تشجيع وتعزيز إقامته وتثبيته”. عمليا، قادت نقطة الانطلاق هذه الدولة، حتى قبل سن هذا القانون، إلى اعتماد وسائل، جلية وخفية، استهدفت منع مواطني إسرائيل العرب من السكن في حيزات مشتركة في المدن المختلطة[2]. ورغم هذه المحاولات، سُجّل خلال السنوات الأخيرة ارتفاع ملحوظ في عدد العرب الذين انتقلوا إلى السكن في مدن مختلطة، مثل نتسيرت عيليت، وفي مدن مختلطة قيد التشكل، مثل العفولة وكرميئيل[3]. في هذا المقال، سأستعرض هذه الظاهرة من زاوية مشاركة النساء العربيات في سوق العمل في تلك المدن المختلطة وتأثير ذلك على مستوى معيشة الاقتصادات المنزلية للعائلات العربية في المدن المختلطة[4].

ليس خافياً أن الانتقال إلى المدن المختلطة يهيّئ فرصاً كثيرة أمام النساء العربيات، سواء كنّ متزوجات أم عزباوات. فهو يسمح لهن، أولاً وقبل أي شيء آخر، الانعتاق من المفاهيم البطريركية السادة في المدن العربية، والتي تتجلى ـ في بعض الحالات ـ في الرقابة التي تمارسها العائلة الموسعة[5]. كما تشكل المدن المختلطة، أيضا، حيزاً تنكشف فيه النساء العربيات، بصورة أكبر وأوسع، على التعليم العالي، على الحركات الاحتجاجية، على منظمات المجتمع المدني وتنظيمات سياسية جديدة[6]، وتنفتح أمامهن تشكيلة واسعة من فرص وإمكانيات العمل. وبالفعل، فإن نسبة النساء المشاركات في سوق العمل في المدن المختلطة أكبر بكثير منها في القرى والمدن العربية[7]. فبينما تبلغ نسبة مشاركة النساء في سوق العمل في مدينة عربية 26,66%، نحدها ترتفع إلى 38,48% في المدن المختلطة[8].

ولكن، إلى جانب الفرص وفي موازاتها، تحمل الحياة في المدينة المختلطة معها، أيضا، تحديات غير سهلة. في الواقع، نجد أن انتقال عائلات عربية إلى السكن في مدن مختلطة، على ما نتج عنه من ارتفاع حاد في نسبة النساء العربيات المشاركات في سوق العمل، لم يحسّن أوضاعها الاقتصادية بالمقارنة مع العائلات التي تسكن في بلدات عربية. وطبقا لتقرير بنك إسرائيل لسنة [9]2017، يبلغ متوسط عدد الأنفار في العائلة العربية في مدينة مختلطة 3,5 أنفار، مقابل 4,4 أنفار في العائلة التي تسكن في مدينة. وتفيد معطيات التقرير بأنه بينما يبلغ متوسط دخل الاقتصاد المنزلي العربي في مدينة مختلطة 11,800 شيكل، يبلغ متوسط دخل الاقتصاد المنزلي العربي في مدينة عربية 12 ألف شيكل، وهو فارق لا يُذكر. يمكن ردّ هذا الواقع إلى سببين مركزيين: الأول ـ نسبة عمل الرجال في المدن المختلطة أقل منها في المدن العربية[10]؛ الثاني ـ حقيقة أن النساء والرجال العرب يعملون في المدن المختلطة في وظائف أقل جودة ويتقاضون رواتب أقل بكثير، مقارنة بجيرانهم اليهود.

الجدول التالي يشير إلى فوارق كبيرة جدا في الأجور لصالح النساء اليهوديات في أربع من بين المدن المختلطة الخمس التي شملها الفحص (في نتسيرت عيليت، ظهر فارق لصالح النساء العربيات بالذات). الفوارق الأكبر والأكثر جدة سُجّلت في مدينتي اللد والرملة، حيث كانت أجور النساء العربيات أقل بـ 1,744 و 1,299 شيكل من أجور النساء اليهوديات في هاتين المدينتين، على التوالي. كذلك في معلوت ـ ترشيحا وفي عكا، سُجل فارق بمعدل مئات الشواقل في الشهر بين أجور النساء اليهوديات وأجور النساء العربيات.

الجدول التالي يبين فوارق الأجور لصالح الرجال اليهود في المدن المختلطة. في هذا المثال، أيضا، نرى إنه باستثناء مدينة نتسيرت عيليت، التي يكسب فيها الرجال العرب أجورا أعلى من أجور الرجال اليهود، ثمة في جميع المدن المختلطة الأخرى فارق كبير لصالح الرجال اليهود. هكذاـ مثلا، الرجال اليهود في اللد يتقاضون رواتب تزيد بـ 2,503 شيكل بالمتوسط عن راتب الرجال العرب؛ في الرملة ـ يبلغ الفارق 1,311 شيكل وفي عكا ـ 1,459 شيكل. ثمة تفسير جزئي لحقيقة أن العرب في نتسيرت عيليت ـ الرجال والنساء ـ يتقاضون أجورا أعلى من أجور اليهود، وهو أن السكان اليهود في هذه المدنية هم، في غالبيتهم الساحقة، من المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق.

يبدو إنه إذا ما استمر الوضع على هذا الحال ـ حيث، رغم حقيقة مشاركة النساء العربيات في المدن المختلطة في سوق العمل، لا يزال الاقتصاد المنزلي في مرتبة متدنية بالمقارنة مع البلدات العربية ـ فستتوقف ظاهرة انتقال العائلات العربية إلى السكن في المدن المختلطة. وهذا، نتيجة الاقتناع بأن خطوة كهذه لن تكون في صالحها من الناحية الاقتصادية على المدى البعيد، بل قد تؤثر أيضا على جوانب إضافية أخرى تتعلق بالخلية العائلية.

صحيح أن لجم ظاهرة هجرة العائلات العربية إلى هذه المدن ينسجم، بالتأكيد، مع أهداف ومقاصد “قانون القومية”، لكنه سيمسّ في المقابل، وبصورة قاتلة، بإمكانية “فرض الحقائق على الأرض” وخلق حيّزات مشتركة، رغم أنف جميع المتربصين بالمواطنين العرب. بإمكان النساء العربيات قيادة مركبة القطار السريع الداهم نحو تحقيق القوة الكامنة في المدن المختلطة. ولكن، كي يتحقق هذا، يقع على عاتق المشغِّلين واجب ليس فتح الأبواب أمامهن فقط، بل إدخال أيديهم إلى جيوبهم ودفع كل ما تستحقه هؤلاء النساء أيضا، كما يدفعون للنساء اليهوديات على الأقل. هكذا فقط، سيكون من الممكن ضمان استمرار وجود وازدهار المدن المختلطة في إسرائيل.

 

ترجم المقال من العبرية: سليم سلامة

[1] رائف زريق وعازر دكور، “عن جنوب أفريقيا آنذاك وعن فلسطين/ إسرائيل: الأبرتهايد وأنماط مفهمته”، قضاء، مجتمع وثقافة (مشباط، حفراه وتربوت)، 2017، ص 191.

[2] إيلي ريخس (محرر)، معاً لكن على انفراد: مدن مختلطة في إسرائيل، تل أبيب: مركز موشي ديان لدرسات الشرق الأوسط وأفريقيا، جامعة تل أبيب، 2007.

[3] منال توتري ـ جبران، “مدن مختلطة قيد التشكل: بين الخاص والعام”، دين ودفاريم 10، 2017.

[4] سأتطرق في هذا المقال إلى مدن: نتسيرت عيليت، اللد، الرملة، عكا ومعلوت ـ ترشيحا.

[5] سراب أبو ربيعة قويدر ونوعمي فينر ليفي، “الحيز الفلسطيني، الإسرائيلي والذاتي: نظرة محدثة على ساحات المواجهة أمام النساء الفلسطينيات في إسرائيل”، همشباط 16، 2011، ص 389.

[6] أنظروا كلمة د. تغريد يحيى ـ يونس في مؤتمر العيش في مدينة مختلطة، في الجلسة السادسة، “جندر في المدن المختلطة: إقصاء ومشاركة في الحيز العام”، تشرين الثاني 2012.

[7] جيلا شطوبلر، “الأقلية العربية، الأقلية الحريدية ونظرية التعددية الثقافية في دولة يهودية وديمقراطية”، مشباط، حفراه وتربوت، 2017، ص 11- 52.

[8] إيلان شدمه، تشغيل السكان العرب في إسرائيل حسب البلدات، القدس: وزارة الاقتصاد، 2014، ص 33.

[9]https://www.boi.org.il/he/NewsAndPublications/RegularPublications/DocLib3/BankIsraelAnnualReport/דוח%20בנק%20ישראל%202017/page1.pdf

[10] المعطيات في الجدول مبنية على معطيات دائرة الإحصاء المركزية، المحدثة لسنة 2015.[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”نسرين حداد حاج يحيى” image=”1383″]نسرين حداد حاج يحيى هي طالبة للقب الدكتوراة في جامعة تل أبيب ورئيسة برنامج العلاقات بين اليهود والعرب في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية
[/our_team][/vc_column][/vc_row]

[vc_row][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]معظم المصالح التجارية في الوسط العربي هي مصالح تجارية صغيرة، وهي تشكل 95,8% من مجموع المصالح التجارية التي يمتلكها عرب وتشغّل 66,7% من مجموع العاملين الذين يعملون في مصالح تجارية مستقلة[1]. تشجيع تطور المصالح التجارية الصغيرة في المجتمع العربي من شأنه أن يعود بنتائج إيجابية، سواء من خلال ارتفاع مستوى المعيشة وتوفير فرص وأماكن عمل للعاطلين عن العمل في هذا المجتمع، أو للاقتصاد الإسرائيلي برمّته، من خلال رفع مستوى النجاعة، تقليص الفجوات ودمج المواطنين العرب في الاقتصاد الإسرائيلي[2].

تواجه المصالح التجارية الصغيرة في إسرائيل معيقات عديدة. هذه المعيقات ملموسة بدرجة أكبر لدى المصالح التجارية في المجتمع العربي، لأسباب سآتي عليها فيما يلي.

المشكلة الرئيسية التي تواجهها المصالح الصغيرة هي مشكلة التمويل والاعتمادات البنكية. تنبع هذه المشكلة، بصورة أساسية، من الضمانات المشددة التي يُطلَب من صاحب المصلحة التجارية تقديمها كي يستطيع الحصول على الاعتماد البنكي. وعند الحديث عن مصلحة تجارية صغيرة، تكون فرضية الأساس أن هذه المصلحة لا تمتلك ضمانات ذات قيمة عالية يمكن أن تشكل ضماناً كافيا للمؤسسة التي تمنح الاعتماد البنكي. في المجتمع العربي، غالبا ما لا يتم حتى قبول الضمانات المتمثلة في رهن أملاك غير منقولة، وذلك على خلفية الصعوبات المتوقعة في وضع اليد على هذه الأملاك بسبب غياب التسجيل المنظم. وتنبع مشكلة الاعتمادات البنكية، أيضا، من “شبهة” التصقت بأصحاب المصالح التجارية الصغيرة ومن الاعتقاد ـ الخاطئ، بالطبع ـ بأنهم زبائن “غير جيدين” لا يسددون القروض. هذه الشبهة تصبح أكثر قوة وفاعلية حين يجري الحديث عن المواطنين العرب، الذين تعتبرهم المؤسسات المصرفية مجموعة “خطيرة” و”غير مضمونة” من الناحية المالية. وإضافة إلى هذا كله، ليس ثمة حضور كاف للبنوك والمؤسسات المالية في جميع البلدات العربية في الدولة، وهو ما يزيد من صعوبة منالية الاعتمادات البنكية ويقلص حجم العَرض المتاح أمام أصحاب المصالح التجارية.

ثمة عائق إضافي آخر يواجه المصالح التجارية الصغيرة عامة، والمصالح التجارية الصغيرة في المجتمع العربي خاصة، هو عائق المعرفة والخبرة. فأصحاب المصالح التجارية الصغيرة يمتلكون مستوى محدودا، نوعا ما، من المعرفة بالسوق الاقتصادي مستوى أقلّ من الخبرة بالسوق المحلية والعالمية. في المجتمع العربي، يُنظَر إلى أصحاب المصالح التجارية الصغيرة ـ بغير حقّ ـ وكأنهم أشخاص لا يجيدون اللغة العبرية، لا يُحسنون إدارة أمورهم قبالة المؤسسات الرسمية في الدولة، لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم ويعملون في سوق محدودة جدا لا تتيح لهم المنالية ومعرفة السوق العام في البلاد. عائق المعرفة هذا يؤدي إلى توجه عدد قليل فقط من المصالح التجارية الصغيرة لتلقي استشارة تجارية ومساعدة من الجهات المهنية المختصة، وهو ما يزيد من صعوبة إدارة المصلحة التجارية وصعوبة تحقيق زيادة في أرباحها.

395_Machne Yehuda spices long.jpg_norm- from website

مشاكل البنى التحتية هي عائق إضافي آخر يواجه المصالح التجارية القائمة في مناطق نفوذ سلطات محلية عربية، وبضمنها النقص وتدني الصيانة في البنى التحتية الخاضعة لمسؤولية الدولة (مثل الشوارع) والبنى التحتية الخاضعة لمسؤولية السلطات المحلية (مثل المباني العامة والمؤسسات الثقافية والمصالح التجارية).

بين المجموعات الفرعية ذات المميزات الخاصة، مثل النساء العربيات، ثمة معيقات أخرى عديدة، من قبيل إيجاد وتوفير الأطر المناسبة للأولاد، النقص في المواصلات العامة للوصول إلى أماكن العمل، عائق اللغة، والآراء النمطية المسبقة بشأن عدم القدرة ونقص المهارة في الإدارة الاقتصادية والتجارية.

الإهمال المتواصل الذي تعاني منه الجماهير العربية يتجلى في التجاهل من جانب سلطات القانون، سوق المال والمؤسسات العامة غير الحكومية، في شح المساعدات المقدمة من القطاع الثالث وفي صعوبات الأداء مقابل ممثلي الجمهور المحليين[3].

أظهر بحث تجريبي حول المصالح التجارية الصغيرة في الوسط العربي أن المصالح التجارية الصغيرة في كلا المجتمعين، اليهودي والعربي، تعاني حقاً من معيقات مختلفة وعقبات متنوعة في الحياة التجارية، إلا أن وجودها أكثر بروزا في الوسط العربي. مثال صارخ على هذا هو الفجوة الكبيرة في مجال تجنيد رؤوس الأموال، باعتبارها إحدى الأدوات الأساسية الضرورية لنجاح أي مصلحة تجارية صغيرة ـ 72,5% من المصالح التجارية الصغيرة في الوسط العربي تجد صعوبة كبيرة في تجنيد رأس المال، مقابل 35% منها في الوسط اليهودي[4].

تبيّن المعطيات التي عرضها هذا البحث وجود قطيعة حقيقية بين أصحاب المصالح التجارية وبين الأجسام والمؤسسات التي تمنح الاعتمادات، مثل البنوك. كما تبيّن، من خلال البحث، أن 50% من المصالح التجارية الصغيرة اعتمدت على رأس مال ذاتي فقط عند إنشاء المصلحة التجارية، بينما استعانت 30% منها فقط بقروض بنكية[5].

وخلص بحث آخر إلى رسم صورة أكثر بؤسا حتى من تلك المذكورة آنفا، إذ بيّن أن مساهمة البنوك والمؤسسات المالية الخاصة في تمويل استمرار تطوير المصالح التجارية الصغيرة ضئيلة جدا: فقد ساهمت البنوك بالاستثمار في نحو 6% فقط من المصالح التجارية، بينما كانت حصة البنوك في تمويل غالبيتها الساحقة (81%) أقل من 50% من إجمالي الاستثمارات[6].

السببان الرئيسيان لضائقة الاعتمادات البنكية بين أصحاب المصالح التجارية من المواطنين العرب هما، إذن، رفض البنوك منح اعتمادات مالية بسبب مشكلة الضمانات التي تجعل منح الاعتمادات المالية مخاطرة كبيرة، وارتداع أصحاب المصالح التجارية الصغيرة عن طلب التمويل بسبب معيقات المعرفة، المنالية واللغة.

انعدام التسجيل الرسمي في سجل العقارات (الطابو) للأملاك غير المنقولة، التي يمتلكها مواطنون عرب، يجعل من الصعب على الجهاز المصرفي، كما ذكرنا، اعتبار تلك الأملاك ضمانات مناسبة وهذه مشكلة تدفع البنوك إلى اعتماد فرضية عامة مفادها أن منح المصالح التجارية من الوسط العربي اعتمادات مالية ينطوي على مخاطرة كبيرة.

يرفض كثيرون من المبادرين في المجتمع العربي الاستعانة بالبنوك من أجل تطوير مصالحهم التجارية، خشية المخاطر، حتى في الحالات التي يكون بإمكانهم فيها توفير ضمانات مناسبة للبنوك: وهكذا، ففي مشاريع مختلفة، مثل تجديد المصلحة التجارية وتوسيعها، يفضل هؤلاء توظيف المدخرات الشخصية والأرباح التي حققوها من المصلحة التجارية[7].

ثمة ادعاء آخر يطرحه أصحاب المصالح التجارية العرب هو أن البنوك تطلب تقديم ضمانات مبالغ فيها، مع معامل أمان كامل بالنسبة للشركات المملوكة لمواطنين عرب، مقابل طلبات أكثر مرونة بالنسبة للشركات المملوكة لمواطنين يهود[8]. كما يدعي هؤلاء، أيضا، بأنهم يتعرضون، كزبائن عرب، لتمييز سلبي في تعامل البنوك معهم ويقولون إن البنوك تمتنع حتى عن تخويل مديري فروع البنوك في البلدات العربية صلاحيات ملائمة، خلافا لما يجري في الفروع التي يشكل اليهود أغلبية زبائنها.

الصورة المرتسمة من هذه المعطيات تدل على وجود ضائقة تمويل جدية، تشكل حجر عثرة حاسماً أمام المبادرين الراغبين في إنشاء مصالح تجارية جديدة أو في توسيع نشاط تجاري قائم. وكما أسلفنا، فإن هذه المشكلة موجودة لدى كلا الجمهورين، اليهودي والعربي، غير أنها أكثر حدة بين المصالح التجارية العربية. هذا الوضع، كما هو مُبيَّن أعلاه، هو نتاج سياسة التمييز والحرمان المعتمدة ضد المواطنين العرب في إسرائيل بشكل عام.

في ضوء كل ما ورد أعلاه، يوصى بالنظر إلى اقتصاد الجماهير العربية بكونه جزءا من اقتصاد الدولة. ازدهار المصالح التجارية الصغيرة سيؤدي إلى تقليص معدلات البطالة، إلى دمج المواطنين العرب في المرافق الاقتصادية وإلى تشجيع الاستهلاك، مما سيشكل في نهاية المطاف مساهمة كبيرة في الاقتصاد الإسرائيلي عامة. وعلاوة على هذا، فإن المصالح التجارية الصغيرة تردّ الاستثمارات الحكومية بطرق مختلفة ـ من مدفوعات الضرائب المختلفة وحتى تنشئة جيل مسؤول وعصامي من الناحية الاقتصادية يساهم في تقليص الحاجة إلى المخصصات المختلفة.

من أجل حل هذه المشاكل، أو جزء منها على الأقل، ينبغي أولاً إجراء مسح مفصل حول توزيعة الاعتمادات البنكية المعروضة للمصالح التجارية الصغيرة في الوسط العربي. وبالاستناد إلى المعطيات التي يتم جمعها، سيكون بالإمكان وضع خطة تفصيلية لإصلاح القصورات وسد النواقص ولإقرار سياسة حكيمة للمدى البعيد. ينبغي لمثل هذه الخطة أن تعالج جميع النقاط الضرورية لحل المشكلة:

1) تشجيع أصحاب المصالح التجارية على تلقي الاستشارة التجارية المهنية من أجل وضع وتطوير خطط تجارية وعلى التوجه إلى المؤسسات التمويلية.

2) تقليص وتخفيف إجراءات ومعايير الضبط المركزي في مجال البنوك والاعتمادات المالية وتشجيع البنوك على منح الاعتمادات.

3) بلورة خطة تدخـّل لإزالة المعيقات، بما فيها معيقات المنالية، المعلومات واللغة. وينبغي لمثل هذه الخطة أن تشمل توظيف موارد لتسهيل منالية المعلومات للجمهور العربي في إسرائيل، بما في ذلك حقوق المواطنين العرب وواجباتهم والطرق المتاحة لإنشاء علاقات مع المؤسسات العامة، بما يخدم نشاطهم. كما ينبغي لهذه الخطة أن تشمل، أيضا، تكثيف الإعلام والشرح بشأن برامج التمويل المختلفة وجدوى المعاملات التجارية، عن طريق ـ مثلا ـ إقامة مراكز استشارة باللغة العربية في البلدات العربية المختلفة.

4) تشجيع ومساعدة الصناديق غير البنكية التي تعرض برامج تمويل ومرافَقة للمصالح التجارية الصغيرة وتنشط بين الجمهور العربي بشكل خاص (مثل صندوق كورِت).

يتعين على الدولة أن تدرك أن نجاح المصالح التجارية الصغيرة في الوسط العربي سيؤدي إلى ازدهار وتطوير الاقتصاد الإسرائيلي برمّته ورفاهية سكانها كلهم.

 

ترجم المقال من العبرية: سليم سلامة

[1] يعقوب شاينين، حين هرتسوغ وريمون رفيح، “دمج الوسط العربي في الاقتصاد الإسرائيلي: مميزات وعوائق”، هرتسليا: المعهد الإسرائيلي للتخطيط الاقتصادي، 2010

[2] محمود خطيب وشيمي سولومون، “مصالح تجارية صغيرة في الوسط العربي: استقصاء اختباريّ مقارِن”، القدس: معهد ميلكن، 2006.

[3] عزيز حيدر، “عقبات أمام التطوير الاقتصادي في الوسط العربي: مبادرات اقتصادية في بلدتين عربيتين ـ الطيبة وأم الفحم”، تل أبيب: المركز اليهودي ـ العربي للتطوير الاقتصادي، 1993، ص 16- 18.

[4] خطيب وسولومون (هامش رقم 2 أعلاه)، ص 23.

[5] المصدر السابق، ص 8.

[6] ميخائيل صوفر، يتسحاق شنيل، يسرائيل دروري وعاص أطرش، مبادرات وتصنيع في المجتمع العربي في إسرائيل، بيت بيرل: مركز دراسات المجتمع العربي في إسرائيل، 1995، ص 54.

[7] المصدر السابق، ص 42.

[8] ليئور غرينباوم، “رجال أعمال من الوسط العربي: البنوك ترفض منحنا اعتمادات مالية كبيرة”، غلوبس، 19/10/2003.[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”لنا ورور” image=”1380″]لـَنا ورور هي محامية ناشطة في مجال الاقتصاد الجماهيري المحلي والمصالح التجارية الصغيرة، ومرشدة سابقة في عيادة الاقتصاد الجماهيري المحلي في الجامعة العبرية في القدس [/our_team][/vc_column][/vc_row]

[vc_row][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]ينطوي تطوير الطاقة الشمسية على قدرة كامنة لتعزيز الاقتصاد في المجتمع العربي في إسرائيل، والذي يعاني من قلة التطوير، من انعدام الموارد ومن التمييز الممأسس على مدار سنوات عديدة.

من شأن توسيع استخدام الطاقات المتجددة أن يشكل رافعة لإخراج المجتمع العربي من أزمة اجتماعية عميقة ومن توجهات انعزالية ومحافِظة نحو التقدم الاقتصادي والاجتماعي والاندماج في العالم العصري.

الأفكار المطروحة هنا هي ثمرة تجربة تراكمت من خلال العمل الميداني لنقابة العمال “معاً” وجمعية “سنديانة الجليل”. لهاتين المنظمتين سجل حافل من العمل في المجتمع العربي في مجالات حقوق العمال، تشغيل النساء والتطوير الاقتصادي. وقد شرعتا، السنة الأخيرة، في الدفع بمشروعيّ الطاقة الشمسية والزراعة في الماء في البلدات العربية.

يشهد مجال الطاقة الشمسية وتيرة سريعة من التطور، على خلفية ضغوط دولية لاتخاذ خطوات حقيقية لاستبدال مصادر الطاقة الآخذة في النفاد بمصادر متجددة. في تشرين الثاني / نوفمبر 2016، وفي إطار إقرار معاهدة باريس، حددت إسرائيل أهدافا لتعميق استخدام الطاقات المتجددة: 10% حتى سنة 2020 و 17% حتى سنة 2030[1]، بل ورصدت الحكومة ميزانيات كبيرة لهذا الغرض.

رغم هذا كله، يشكل إنتاج الطاقة المتجددة في إسرائيل 3% فقط من إجمالي إنتاج الطاقة[2]. هذا القصور في التنفيذ يثير انتقادات من جانب ناشطين في مجال البيئة والمناخ. ويجزم تقرير هام صدر عن جمعية حماية الطبيعة في تشرين الأول / أكتوبر 2017[3] بأن ثمة قدرة كامنة كبيرة لإنتاج الكهرباء على أسطح شمسية لا تزال بعيدة عن التحقيق. وطبقا للتقرير، ينبغي تحويل إنتاج الطاقة الشمسية من مشاريع كبيرة مقامة على الأرض إلى تركيب ألواح شمسية على أسطح خصوصية. مثل هذا التغيير من شأنه التوفير في استخدام الأراضي، خلق منهاج وآليات لتوسيع الاستخدام ورفع مستوى العدالة التوزيعية، نظرا لأن الإنتاج على الأسطح الخصوصية سيحوّل المستهلك إلى منتِج ويوزع مصادر الطاقة.

يشير المبادر المستقل روني سجولي إلى تغيّرات سياساتية تحققت خلال السنوات الأخيرة، وفي مقدمتها إلغاء اشتراط تركيب لوح شمسي بالحصول على رخصة بناء (من العام 2004)[4]، إلغاء ضريبة التحسين من العام 2016[5] وإلغاء إلزامية إصدار فواتير ضريبة. إزالة هذه المعيقات البيروقراطية، سوية مع خفض تكلفة التركيب، جعلت تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل الخاصة أو المباني التجارية أمرا متاحاً، أكثر بكثير مما كان عليه الحال قبل فترة زمنية غير بعيدة.

هذه التسهيلات الإدارية لم تكن موجهة للمواطنين العرب في الأصل، غير أنها تناسب البلدات العربية، تماما: لأسباب تاريخية، وبسبب انعدام الخرائط الهيكلية الحكومية، تعتمد الغالبية الساحقة من البلدات العربية في إسرائيل على البناء الملتصق بالأرض، على أراض بملكية خاصة. والحديث هنا عن نحو 100 ألف بيت ملتصق بالأرض، بالإمكان تركيب ألواح شمسية على سطوحها ويمكنها أن تدرّ على الاقتصاد العربي نحو مائة ألف شيكل في كل شهرـ وهو مبلغ يُدفع اليوم كفواتير كهرباء لقاء تزويد الكهرباء التي يتم إنتاجها في محطات الطاقة التابعة لشركة الكهرباء، من خلال عمليات إنتاج ملوِّثة.

ليس المقصود هنا توفير مصدر دخل جديد فقط، وإنما إحداث ثورة حقيقية أيضا، تجعل المجتمع العربي عنصرا قائدا في عملية تكريس وزيادة الطاقات الخضراء. كل من يقوم بتركيب لوح شمسي على سطح منزله يزيد الدخل المتاح (القابل للصرف) لاقتصاده المنزلي، يتحول من مستهلِك إلى منتِج ويساهم في التقليل من انبعاث غازات الدفيئة. إذا ما حقق مشروع تكريس وتوسيع الطاقة الشمسية في البلدات العربية نجاحا واسع النطاق، فسيعطي دفعة هائلة للقوى الراغبة في ربط المجتمع العربي بالعالم الكوني وسيخلق مناخا إيجابيا لتطوير مبادرات ابتكارية في مجالات إعادة تدوير النفايات والماء، الزراعة في الماء، المساواة وتعزيز النساء.

كي يتسنى تحقيق هذه الثورة الخضراء فعليا، ينبغي إحداث تغييرات في المجال البيروقراطي أيضا وفي كل ما يتصل بالمفاهيم والمعتقدات السائدة في المجتمع العربي. ويعرض أشرف يحيى، المبادِر في مجال الطاقة الشمسية وصاحب شركة لتركيب الألواح الشمسية، جملة من المعيقات البيروقراطية التي تواجه الوسط العربي في هذا المجال، مثل المصاعب التقنية ـ كثيرون من السكان لا يمتلكون رخص بناء سارية المفعول، ولذا فليس في حوزتهم أيضا نموذج رقم 4 الذي ينظم تزويد الكهرباء؛ مصاعب مالية ـ انعدام الدخل الثابت يجعل من الصعب الحصول على قروض من البنوك؛ البيروقراطية ـ شركة الكهرباء تكدس العوائق والمصاعب دونما أية حاجة لذلك؛ عدم ثقة بأجهزة الحكم ـ الجمهور العربي في إسرائيل يتعامل بريبة وتشكك مع أية مبادرة جديدة مصدرها أجهزة الحكم السلطوية في إسرائيل. وفي سياق الحديث عن الألواح الشمسية، وبسبب التخوف من أن وراء المبادرة نوايا مبيتة لمصادرة أسطح المنازل، يدير كثيرون منهم ظهورهم لهذه المبادرة.

من أجل التغلب على هذه المعيقات، ثمة حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات عملية حثيثة، حكومية وجماهيرية. الوثيقة الهامة التي أصدرتها جمعية حماية الطبيعة، والتي ورد ذكرها أعلاه، تدعو إلى مثل هذه الإجراءات العملية وتشير إلى خطوات من شأنها تحقيق الطاقة الكامنة لإنتاج الكهرباء على الأسطح، لكنها لا تذكر العرب. ويرى عادي رومي، الناشط في منظمة “مجماه يروكاه” (وجهة خضراء)، إن القدرة الكامنة لاستغلال الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء في إسرائيل هي أكبر بكثير من الأهداف التي تم وضعها وليس هنالك أي سبب يمنع السعي لبلوغ وضع تكون فيه 100% من الطاقة المستخدمة طاقة بديلة، حتى العام 2030. ويقول إن التأخير في دفع الموضوع قُدما ناجم عن الاعتماد الخاطئ على الغاز، كما يعتقد بأن وزارتي المالية والطاقة لا تزالان أسيرتيّ مفاهيم ورؤى قديمة، مما يقتضي تصعيد الضغط الجماهيري.

جميع الجهات الضالعة في هذا المجال تشعر بأنها تؤدي رسالة وبأن الوقت ليس في صالحها: الطاقة المتجددة ليست مصدرا للتوفير الاقتصادي فحسب؛ من الواجب التحرك السريع الآن حيال خطر تدمير الكرة الأرضية جرّاء الأزمة المناخية وتبدد الموارد الطبيعية، ومن واجب كل إنسان واعٍ المساهمة في التقليل من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى.

إذا ما تحققت رؤيتنا وتحول المجتمع العربي إلى عنصر رائد في هذا المجال، فستكون لهذا التطور إسقاطات واسعة وهامة على تطوير المجتمع العربي نفسه وعلى خلق منهجية عمل مشتركة لليهود والعرب في إسرائيل. وقد أحسن المبادر أشرف يحيى تلخيص الأمر بقوله: “من يفهم ما يجري في العالم اليوم، ملزم بأن يستنتج أن مشكلاتنا هنا هي مشكلات كونية وأن الصدامات القومية المحلية، التي ينشغل بها معظمنا، تتقزم أمام الخطر الذي تمثله الأزمة المناخية ويتهدد الجنس البشري كله”.

 

ترجم المقال من العبرية: سليم سلامة

[1]  أنظروا في موقع وزارة البيئة على الانترنت، “قرار تاريخي: الحكومة أقرّت معاهدة باريس” https://bit.ly/2ACoOYB

[2]  ليئور غوطمان، بنك إسرائيل: إنتاج الكهرباء النقي متخلف بـ 20 سنة على الأقل عن الأهداف التي وضعتها الحكومة”، كلكاليست، 27/9/2017.

[3]  شيرلي حخام يفراح ودرور بويمل، “كهرباء بالمسار الأخضر: طاقة متجددة داعمة للبيئة والطبيعة”، تل أبيب: جمعية حماية الطبيعة، 2017.

[4]  في 1/8/2014 بدأ سريان مفعول النظام رقم 24 الذي ألغى الحاجة إلى استصدار رخصة بناء لألواح شمسية بالحجم المحدد. للمزيد حول هذا الموضوع، أنظروا في موقع “دين مكومي” (قانون محلي):  https://bit.ly/2yQg0x1

[5]  في إطار قانون التسويات لسنة 2017، ألغيت ضريبة التحسين على الأسطح الشمسية التي لا تزيد  مساحتها عن 200 متر مربع. أنظروا: ناتي ييفت، “إقرار الإعفاء من ضريبة التحسين على منظومات شمسية للاستهلاك الذاتي”، غلوبس، 12/12/2016. في شباط 2018، جرى تمديد فترة الإعفاء، بل وتم توسيعه ليشمل الأسطح التي لا تزيد مساحتها عن 7000 متر مربع. أنظروا: ليئور غوطمان، “لجنة الداخلية مددت الإعفاء من ضريبة التحسين على الأسطح الشمسية”، كلكاليست، 18/1/2018.

الكاتبان عضوان في قيادة نقابة العمال “معاً”.[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”يوآف جال تمير” image=”1433″] يوآف جال تمير هو مركّز مشروع الطاقات المتجددة والزراعة في الماء، المشترك لنقابة “معاً” للعمال ولـ”سنديانة الجليل”.[/our_team][our_team style=”vertical” heading=”أساف أديب” image=”1414″]أساف أديب هو مدير عام نقابة العمال “معاً”[/our_team][/vc_column][/vc_row]