Posts

[vc_row full_width=”” parallax=”” parallax_image=””][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]

مهرجان “عيد الأعياد”، الذي يقام في شهر كانون الأوّل من كلّ عام في حيّ وادي النسناس في حيفا، بدأ مشواره في شهر كانون الأوّل من العام 1993، ويومها احتفلت الديانات الثلاث في الوقت ذاته تقريبًا بعيد الحانوكا وعيد الميلاد وحلول شهر رمضان. هذا المهرجان الذي بادر إليه بيت الكرمة- المركز الثقافيّ العربيّ اليهوديّ، بالتعاون مع بلدية حيفا، “يهدف إلى تشجيع وتعزيز التسامح والتقبّل والاحترام المتبادل من خلال الفنّ والثقافة”.[1] الحدث المركزيّ في هذا المهرجان هو معرض فنّيّ يعرض فيه فنّانون مختلف أعمالهم ولوحاتهم. المعرض الأوّل لمهرجان “عيد الأعياد” امتدّ من فضاءات العرض التابعة لبيت الكرمة حتّى الأدراج الحجريّة التي تُفضي إلى الوادي، وعلى امتداد الشوارع المحيطة بالحيّ. في العام 1996، عُيّنت حنّه كوفلير أمينة للمعرض، وواصلت عملها هذا لعقد من الزمن، حتّى العام 2006 بالتحديد؛ يرافق المعرضَ في كلّ عام إصدارُ كتالوج يحتوي على نصوص تأويليّة شاملة باللغات العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة .[2]  هذا التقليد يتواصل حتّى يومنا هذا، حيث تمكّن على امتداد 22 عامًا من خلق فضاء متحفيّ بحضورٍ لافت للغاية.

برز حضور الفنّانين العرب بدءًا من المعرض الأوّل الذي قامت كوفلير على أمانته، حيث عُرضت حينذاك أعمال لعبد عابدي، وإبراهيم نوباني، وحسن خاطر، ورنا بشارة، وجمال حسن، وجمانة إميل عبود، وأسد عزّي، وعامر درباس، وأحمد كنعان.[3] في سنوات التسعين، لم يحصل أنْ عُرِض هذا الكمّ الكبير من أعمال الفنّانين العرب خرّيجي مدارس الفنون في إسرائيل، ملحقة بنصوص باللغة العربيّة، في فضاء يوصف على نحو طبيعيّ بأنّه فضاء مجتمعيّ عربيّ.

في كتالوج المعرض الأوّل الذي قامت كوفلير على أمانته “لُحمة وسَدى” (1996) جاءت افتتاحيّتها على النحو التالي:

“الاختلاط الفنّيّ في مشروع وادي النسناس ناجم عن الطابع الرئيسيّ للمكان، على ما فيه من نسيج بشريّ ومركّبات مدنيّة، وكذلك عن المسألة الاجتماعيّة التي يهتمّ فيها “بيت الكرمة” الملتصق به كمركز ثقافيّ يهوديّ – عربيّ. لقاء الفنّ، المؤلّف من أسس عديدة مادّيّة وروحانيّة، يمكّن الفنّانين المشتركين فيه من نصب إبداعاتهم في إطار مفتوح يجسّد بالملموس إزالة السدود بين ما يُعتبر فنًّا نخبويًّا وبين الفنّ الشعبيّ، بين المقولة الثقافيّة وبين التعبير الفنّيّ الإثنيّ، بين الموادّ الأصليّة وبين الموادّ “الفقيرة”، بين المركز والأطراف، وبين المفاهيم “الراهنة” والمفاهيم التقليديّة، بغية خلق نقاط التقاء تتواصل في عين المُشاهد مع مخزون متنوّع الألوان من غير اللُّحمة فيه لا يكون للسَّدى موطئ قدم”.[4]

الوادي بذاته كان نقطة ارتكاز المعرض، وبعض الأعمال كانت site specific، أي إنّها أُنتجت خصّيصًا للمعرض، وجرى تصميمها كي توضع في الوادي. هكذا على سبيل المثال كتبت كوفلير حول الفنّانة رنا بشارة، خرّيجة دائرة الفنون في جامعة حيفا والتي تسكن في قرية ترشيحا:

“أثمرت هذه المرّة نحتًا بيئيًّا خُطّط خصّيصًا لبؤرة عينيّة في الوادي. “صرخة الوادي” لرنا هي مقولة اجتماعيّة سياسيّة تتطرّق إلى أحياء مثل وادي النسناس أو وادي الصليب جرى فيها هدم وإغلاق بيوت على مدار السنين، كما في أحياء أخرى في حيفا جرت فيها في الماضي تنمية وتطوير المجد الهندسيّ المعماريّ العربيّ. احتجاج رنا ينفجر من حائط منفرد وبقايا منزل عتيق تعرّض للهدم، ويمكن أن نشخّص فيه طبقات اللون المقشورة. الجدار كلّه مغطّى بمادّة جاهزة عضويّة – أوراق صبّار لحميّة كما لو أنّها “خيطت” عليه كزينة أو سياج حيّ حسبما هو متّبَع في القرى العربيّة. وبين أوراق الصبّار (التي أصبحت رمزًا للقرية العربيّة) أدخلت شظايا البلاط المرسومة التي بقيت في المنطقة، شهادة غاضبة على بيت كان هناك مرّة وعلى جلبة الحياة التي سكنته”.[5]

يعرض نصّ كوفلير الأغراض التي تتكوّن منها الأيقونوغرافيا الفلسطينيّة: شواهد قبور، وبيوت مدمّرة، وبلاطات مزركشة، وشجرة صبّار، وأشجار زيتون. الفنّان الحيفاويّ عبد عابدي الذي عرض أعمالًا له في معرض العام 1996 ربط في مقابلة أجريت معه بين “نقطة تشبّث” الوادي وواقع الحال الفلسطينيّ:

كعضو في لجنة التوجيه لإعادة ترميم الوادي التابعة لوزارة البناء والإسكان، أنا متداخل تمامًا بالمحيط، وأخاف من اليوم الذي ستداهم فيه البولدوزرات المكان الذي كبرت وترعرعت فيه، وتبقيه عينًا بعد أثر. هذا المكان يجسّد واقعًا معيشيًّا يعبّر عنا. للأسف الشديد ثمّة أمثلة كثيرة لأحياء -وقرى كذلك- جرى تدميرها بالكامل لأسباب سياسيّة بعد العام 1948، وتدمير غير مبرّر في حيفا حتّى في العَقد الأخير، وأقصد التدمير الحاصل في حيّ وادي الصليب.[6]

ضمّ المعرض المذكور عملًا فنّيًّا آخر تناول البيت الفلسطينيّ وهو عمل تنصيبيّ للفنّانة جُمانة إميل عبّود والذي ضمّ صورًا وتدوينات وأغراض مختلفة. ووصفت كوفلير هذا العمل التنصيبيّ على النحو التالي: جمانة، التي عادت إلى مدينة طفولتها شفاعمرو بعد إقامة طويلة في كندا، تكتشف مجدّدًا سحر النسويّة في البيت الشرقيّ وتتواصل معها بواسطة موتيفات تزيينيّة ومقاطع ذكريات. إنّها تستعمل مناظر الطفولة، وقطعًا زخرفيّة ذات طابع محلّيّ […]”.[7]

البيت في شفاعمرو يعرّف في هذا النصّ كبيت شرقيّ ذي طابع محلّيّ. بعد ذلك بعامين، شكّلت هذه الاستعارات والبيت في شفاعمرو محورَ معرض قمتُ على أمانته في غاليري هاينريخ بيل. في نصّ المعرض كتبتُ أنّ جمانة إميل عبود تتعامل مع هذه الصور والاستعارات كوطن ضائع، وهي تمكّننا من التعرّف عن كثب على الثقافة الفلسطينيّة. [8]

في تسعينيّات القرن العشرين طرأ تغيير على الخطاب الذي يتناول أعمال الفنّانين العرب، وانصبّ في الأساس على التحوّل نحو خطاب تأويليّ فلسطينيّ. أحد الأمثلة البارزة على ذلك يظهر في معرض آخر لـِ “عيد الأعياد”، براءة 2000 الذي قامت على أمانته كوفلير في العام 1999، وعرض فيه أحمد كنعان عمله الفنّيّ “الحاضر الغائب” (تقنيّات مختلطة، 1988). وقد وصفت الصحفيّة هيلا شكولنيك العمل على النحو التالي:

بيت أحمد كنعان هو قفص على حافة الهاوية ربطت فيه مفاتيح كبيرة، وفي ذلك تتحقّق ثنائيّة: السجن من ناحية، وإمكانية دخول كلّ من يرغب في ذلك من ناحية أخرى. هذا البيت، على الرغم من حطام البلاط الشرقيّ المزركش، هو بيت لا يتبع لأحد، بيت مهجور، وبيت جرى اقتحامه، وسكّانه هجروه أو هُجّروا منه، ولا أحد يريده. [9]

 

  ألحق كنعان بعمله هذا مقطوعة من قصيدة لمحمود درويش تلخّص التعامل القيميّ مع البيت:

…هُنا فِي المساءِ الأخيرْ

نَتَمَلّى الْجبالَ المُحيطَةَ بِالْغَيْم: فتحٌ … وَفَتْحٌ مُضادّ

وَزَمانٌ قَديمٌ يُسَلِّمُ هذا الزّمانَ الْجَديدَ مَفاتيح أَبْوابِنا

فادْخلوا، أيَّها الْفاتِحونَ، مَنازِلَنا واشْرَبوا خَمْرَنا […]

شايُنا أَخَضْر ساخِنٌ فاشْرَبوهُ، وَفُسْتُقنُا طازَجٌ فَكُلوه

والأسرَّةُ خضراءُ من خَشَب الأرْزِ، فَاسْتَسْلِمُوا للنُّعاسْ
بَعْدَ هذا الْحِصارِ الطّويلِ، ونَامُوا على ريشِ أَحْلامِنا   […].[10]

 

الاقتباس من محمود درويش يضع “نقطة ارتكاز” العمل في وادي النسناس، لكن ليس بالضرورة كحيّز يهوديّ- عربيّ، بل كحيّز فلسطينيّ في الأساس. موضوع الحاضرين الغائبين يقع في صُلب الخطاب السياسيّ الفلسطينيّ، ويدرجه الفنّان موضوعةً رئيسيّة في عمله. نقطة ارتكاز هذا العمل تمدّ بجذورها نحو محمود درويش الشاعر الفلسطينيّ المعاصر الأهمّ، وتضع النصّ في الحيّز العامّ كنوع من المناكفة والتحدّي.  

انطلاقة مهرجان “عيد الأعياد” في بيت الكرمة قبل 22 عامًا شكّلت بداية ظهور معارض وفضاءات عرض تفتح الباب لفضاءات خطاب جديدة، تلك التي تمكّن من عرض فنّ فلسطينيّ معاصر يجري إنتاجه في إسرائيل. الفنّانون الذين عرضوا في معارض “عيد الأعياد” تحوّلوا على مرّ السنين إلى أبرز سفراء الفنّ الفلسطينيّ، وحظيت أعمالهم في العَقد الأخير باهتمام منقطع النظير في حقل الفنون الدوليّ. 

هؤلاء الفنّانون -خرّيجو مدارس الفنّ في إسرائيل- ينشطون داخل منظومة متعدّدة الثقافات، ويشكّلون فيها جزءًا من ثقافة أقلّيّة قوميّة؛ ويرتبطون أيضًا بروابط متعدّدة الأوجه بالثقافة القوميّة الفلسطينيّة، وكذلك بالحقل الفنّيّ في إسرائيل. تتوجّه أعمالهم لحقل الفنّ الإسرائيليّ، وكذلك لحقل الفنّ الفلسطينيّ بجمهورَيْهما، وللجهات المؤسّساتيّة فيهما، كأمناء المعارض، والنقّاد الفنّيّين، وهواة الجمع، والمتاحف، والمعارض، ومدارس الفنّ.  

לכידה

احمد كنعان، درب القهوة، 2005. تصوير: روني كورين

الحقوق محفوظة لبيت الكرمة المركز الثقافي العربي اليهودي، حيفا

في المقابلة التي أجرتها دانا غيلرمان مع حنّه كوفلير في العام 2004، عشيّة إحياء مرور 11 عامًا على إقامة المعرض، أشارت غيليرمان أنّ كوفلير لا ترى نفسَها أمينةَ المعرض وكمن تقاس بجودة المعروضات فيه وبالنظريّات التي ترافقه. وقالت: “الاسم الأدقّ لِما أقوم به هو الجمع، وفي النهاية أقوم بـِ “تطريز” الأمور معًا كي أنجح في فعل هذا الأمر داخل المحيط السكنيّ المأهول. هذا المعرض متعدّد المشاركين ومتعدّد الأجيال ومتعدّد الأوجه، ويتراوح بين الفولكلور وَ “الكيتش” والفنّ الاصطلاحيّ، مع كلّ ما بين هذا وذاك”.[11]

وأضافت كوفلير على ضوء نجاح المهرجان أنّ “هذا الحدث يشكّل فرصة  للفنّانين الذين يرغبون في التعامل مع النحت في المحيط […]، لكن تستهويهم كذلك فكرة التعايش التي تقف من وراء المهرجان”. لكن بحسب أقوال غيلرمان، كوفلير -كآخرين غيرها- تشكّك في مصطلح “التعايش” الذي يرافق المهرجان منذ تأسيسه. “دعيك من التعايش، أنا لا أحبّ هذا المصطلح، ولو تسنّى لي لاستبدلت عنوان “التعايش” بـمصطلح “العيشَة”، نعم “العيشَة”، هكذا ببساطة”.

العيشة نفسها، بيئة السكن نفسها، هي إذًا نقطة الارتكاز الحقيقيّة واليوميّة التي تدور حولها الأعمال الفنّيّة. بهذا المفهوم، إنّ الخطاب النقديّ الذي تقدّمه كوفلير هو خطاب يمكّن من فرض الحضور؛ فعل ينضوي تحت عمل أمانة المعرض ويوفّر منصّة أو قاعدة أو فضاء عرض تتعايش فيها أنواع مختلفة من الخطاب- الواحد إلى جوار الآخر.

وتدّعي أريئيلا أزولاي في كتابها التدريب للفنّ[12] أنّ إبراز الحضور في الحيّز العامّ ما هو إلّا ممارسة نقديّة، وتشير أنّ إبراز الحضور يرفض توفير مسبّب الوجود للحقل الفنّيّ، أي للعمل الفنّيّ، وأنّ الحديث يدور عن ممارسة مختلفة لوضع علامة هُويّة ما في الحيّز العامّ، ينصبّ غالبيّة اهتمامها على “صنع ثقوب في الرواية المهيمنة”.[13] هذا التوصيف يتلاءم مع الحضور، ومع العمل الفنّيّ، للفنّانين العرب الذين يعملون في إطار معرض “عيد الأعياد” في السنوات الاثنتين والعشرين الأخيرة.

وادي النسناس (كحيّ عربي)، والأعمال الفنّيّة التي جرى توصيفها هنا، ومنظومات التأويل المرافقة لهما، كلّها تُمكّن سياسة الهُويّات من التحقّق والعمل في فضاءات خطاب نقديّة وسياسيّة تتحدّى المؤسّسة الفنّيّة القائمة.

الحضور الفلسطينيّ في الوادي استمدّ زخْمًا جِدّيًّا عندما أطلقت إدارة بيت الكرمة مشروع “طريق القصيدة”- وهو عبارة عن مسارات تتقصّى إثر قصائد في شوارع وادي النسناس، وعَرضت فيها قصائد لحنّا أبو حنّا، وسامي ميخائيل، وإميل حبيبي وشعراء آخرين. وكتب في كتالوغ المعرض من العام 2005 حول إميل حبيبي:

ملأ إميل حبيبي العديد من المواقع في حياته العريضة. فقد كان أديبًا ومسرحيًّا وكاتب مقالة وقائدًا سياسيًّا وابنًا بارًّا لشعبه العربيّ الفلسطينيّ. كما كان عاشقًا لمدينة حيفا -مسقط رأسه. وإبداعات حبيبي في مختلف المضامير، التي يمكن من خلالها الإطلال على الكينونة الفلسطينيّة عمومًا وداخل إسرائيل خصوصًا، حافلة بتوصيفات للمكان الذي عاش فيه وعايش تبدّلاته في منعطفات المصير الإنسانيّ. ومن الطبيعيّ أن تكون متّصلة اتّصالاً وثيقًا بمدينة حيفا، حيث اختار أن يرقد فيها رقدته الأبديّة داعيًا، في وصيّته الغنيّة بالدلالات، إلى نقش عبارة “باقٍ في حيفا” على شاهد قبره عند سفوح الكرمل وعلى مقربةٍ من زرقة البحر”.[14]

وضع الأعمال الشعريّة داخل فضاء أدبيّ يزخر باللغة العربيّة (إلى جوار الترجمة إلى العبريّة) يوسّع منظومة تأويلها، ويُموضعها كجزء من ثقافة فلسطينيّة رحبة وثريّة. بهذا المفهوم، فإنّ الثقافة البصريّة الناشئة في المعارض داخل وادي النسناس، المرّة تلو الأخرى، وعرضها في الحيّز العامّ، هي تعبير عن سرديّة موازية، ومنافِسة، وبديلة للمنطق القوميّ، لا بل إنّها تتآمر عليه أحيانًا. على الرغم من أنّ الفنّ الإسرائيليّ المعاصر بغالبيّته لا يزال ينشط في الإطار الحصريّ للخطاب العبريّ والمنطق القوميّ، فإنّ هذا النشاط (الـ “عيشَة” -على حدّ تعبير كوبلر) يولّد إمكانيّة العمل على نحو نقديّ داخل هذه الأطر وفي مواجهتها.

تسييس الحضور الفنّيّ بما يحمل من روايات تاريخيّة، يمكّن من الاعتراف بهُويّة الفنّانين، لا بل إنّه يجعل من الصعب محو هذا الحضور في إطار منظومات الخطاب والتأويل الفنّيّة الخاصّة بتلك الفترة. خلقت معارض “عيد الأعياد” حضورًا متواصلًا لثقافة عربيّة- فلسطينيّة في الحيّز العامّ، وهذا الحضور يشكّل نقطة ارتكاز تعني المطالبة بالحضور الدائم للمجتمعيّ- الاجتماعيّ- الثقافيّ داخل حيّز  قوميّ مهيمن، وهي مطالبة تُطرح علنًا وفي وضح النهار، لا كموقف تآمريّ يعمل خفيّة، ولا كموقف هامشيّ للنسيان والتغييب.

 


 

 * ترجم المقال من العبرية جلال حسن

[1] من موقع ” عيد الأعياد” الإلكترونيّ http://haifahag.com/Pages.aspx?pageID=2.

[2] من بين الكتالوجات التي حرّرتها حنّه كوبلير وأصدرها بيت الكرمة – المركز الثقافيّ العربيّ اليهوديّ نذكر: حيّز معيشيّ- معرض الفنّانين العرب القطريّ (2000)؛ أولاد، عيد الأعياد (2001)؛ طبيعة صامتة، شهر الثقافة والكتاب العربيّ (2002)؛ الضوء والظلّ، شهر الثقافة والكتاب العربيّ (2004)؛ ساحة لعب: عيد الأعياد ( 2005).

[3] عرض هؤلاء أعمالهم إلى جانب الفنّانين: عوفرا تشيمبليستا، ران هَراري، أريئيلا فيرتهايمر، مارتين أغمون، شولي نَحشون، دورون إيليا، تمار شحوري، إفراهام إيلات، جون ريردون، ناديا لايبمان، رونين لايبمان، رونين يسرالسكي، كوبي هارئيل، غدعون غيخطمان، جاك جانو، إيلي ران، نوريت تساديربويم، شموئيل بيئير، بلو- سيميون فاينيرو، إلداد رفائيلي، وميكي كارتسمان.

[4] حنّه كوبلير، 1999. لُحمة وسَدى، حيفا: بيت هَجيفن. ملاحظة المترجم: أخذت الترجمة العربيّة لأقوال كوبلير عن موقع عيد الأعياد: http://mwwart.com/ExibitionArticles.aspx?ExhibitionCssClassNum=3&YearNumber=1996&ExhibitionId=1 (الدخول الأخير للموقع في تاريخ 3.2.2016).

[5]  المصدر السابق.

[6] أورا بيرفمان، 1996. “تابنيت نوف مولادتام” (“قالب طبيعة وطنهم”)، أسبوعيّة كولبو الحيفاويّة، 13.12.1996. للتوسّع حول أعمال عبد عابدي، راجِعوا: طال بن تسفي، 2010. أعمال عبد عابدي، 50 عامًا من الإبداع، إصدار صالة العرض أمّ الفحم.

[7] راجِعوا الملاحظة 4 أعلاه.

[8] للاستزادة حول معرض جمانة إميل عبود، راجِعوا في الكتالوغ: طال بن تسفي، 2000، شرق أوسط جديد- 11 معرضًا منفردًا في غاليري هيانريخ بيل، تل أبيب يافا، جمعيّة هَغار.

[9] هيلا شكولنيك، “أميرة في الوادي”، 1999، أسبوعيّة كولبو الحيفاويّة، 8.1.1999.

[10] محمود درويش، “في المساء الأخير على هذه الأرض”، أحد عشر كوكبًا، دار الجديد، 1993، ط.3، ص 9.

[11] دينا غاليرمان، 2004. “حتّى البؤس يبدو مغريًا”، هآرتس، 9.12.2004، ص د3.

[12] أريئيلا أزولاي، 1999، تدريب للفنّ: نقد الاقتصاد الموسيقيّ، تل أبيب: هَكيبوتس هَميؤوحاد، ص 163.

[13] المصدر السابق، ص 164.

[14] سهام داوود، 2005، ساحة لعب: عيد الأعياد (تحرير: حنّه كوبلير)، حيفا: بيت هَغيفين.[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”د. طال بن تسفي” image=”648″]
د. طال بن تسفي هي محاضرة في بتسالئيل، أكاديمية الفنون والتصميم، القدس. أمينة معارض مستقلة وباحثة في الثقافة

[/our_team][/vc_column][/vc_row]

[vc_row][vc_column][vc_column_text]

 

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row][vc_row full_width=”” parallax=”” parallax_image=””][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]يمكننا القول بأنّ ما يُسمّى الفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ هو عبارة عن عشوائيات فردية وجماعية ارتقت بفعل النكبة وبعدها إلى خصوصية فريدة وخلّاقة لم نرها في تاريخ الحضارة الإنسانية.

إنها حالة فلسطينية بامتياز (يمكن أن نضيف إليها قسط من حالة عربية وبعض من العالم الثالث والنامي)، حالة تقطع أوصال الوطن والمجتمع وتشرد أبنائه في أقاصي الأرض ومغاربها، بحيث اجتز الإنسان الفلسطيني من جذوره وأفاق بين ليلة وضحاها سجين غربته (حتى من تبقى منه في دياره ومن كان قد هُجِّر أو هاجر خوفا من الموت)، شعب سلب منه بيته وأرضه وأقصي غالبيته عن مكانه وناسه، وأصبح الفلسطيني أينما تواجد يفتقد وطن كمكان يحتويه يحميه ويمنحه الاستقرار والأمان لتكوين حياة رتيبة.

قراءة هذا الواقع دون إسراف تمنحنا مواكبة تطور إحدى ظواهر الحضارة البشرية الفذّة على الإطلاق دون حاجة أن نبتدع بشكل اعتباطي بدايات غير ممنهجة منذ القرن التاسع عشر، أو البحث عن رسّام هنا وآخر هناك كانوا قد أحبوا الفنّ وأجادوه ودرّسوه لبعض المريدين، أو أنّهم شكّلوا أيقونات في كنائس،(أمثال نقولا الصايغ 1930 وجريس جوهرية 1910) أو رسموا بورتريتهات لشخصيات تاريخيّة، أمثال زلفة السعدي (1905-1988)، أو مناظر طبيعيّة وطبيعة صامتة بأساليب المدارس الأوروبيّة التي كانت شائعة آنذاك، أمثال مبارك سعد وداود زلاطيمو وصوفي حلبي وغيرهم.

هذا لا يعني أنّه لم يكن هناك حِراك فنّيّ في فلسطين في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ولكن باعتقادي، لم يشكّل هذا الحراك مرجعيّة فلسفيّة أو عقائديّة معلومة وملحوظة لما تلاه من تطور في التقنيات والأساليب والمضامين الفنيّة لخلق حركة رائدة كتلك التي أريد أن أسلّط عليها الضوء في هذا المقال (تماما مثلما لم يشكّل الحراك الفنّيّ في أميركا حتى بداية القرن العشرين أرضيّة تشكيليّة حقيقيّة وصلبة لبداية ما يعرف اليوم بالفنّ الأمريكي المعاصر، والمتمثّل بالحركة التعبيريّة التجريديّة أي “مدرسة نيو-يورك”. كما أنّ ثمّة فروق هائلة بين كل ما كان في فلسطين حلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وما تأتّى لها بعد نكبة عام 1948. من شعب كان يعيش على تراب أرضه، بين أهله وصحبته (حتى وان كان هذا تحت نير الاستعمار البريطانيّ) بحيث يمارس ما منحه إيّاه المستعمر من مساحات متاحة للتعبير والتسليّة، ليتحول في نهاية المطاف إلى شعب يعيش في خيام الغربة، مهدّدًا بالموت جوعًا وعطشًا، أو بالطرد والقتل. شعوب كثيرة بالإمكان مقارنة ما حصل لها مثل الشعب الفلسطينيّ، بحيث هلكت بالتماهي وفقدان الهوية (مثل الهنود في أميركا وسكان استراليا الأصليّين وشعوب أفريقيا بكافة أعراقها وجغرافيتها). أمّا هذا الشعب، أعني الشعب الفلسطينيّ، فقد ارتأى أن يسجّل مأساته بالصور الفوتوغرافية أثناء الهجيج والخوف، ويقيم المشافي والمدارس في المخيّمات حيثما وريثما أقيمت٬ شعب رسم آلامه وهمومه بالدّم ورفع صوته وأشهر قضيته على الملأ أمثال خليل رعد (1891-1948)، جوليانا ساروفيم (1934)، إسماعيل شمّوط (1930-2006)، إبراهيم غنّام (1931-1984)، مصطفى الحلاج (1938)، وناجي العلي (1937-1987).

كما وتشكّلت الهويّة الفنيّة من خلال أعمال إبداعية عديدة في مجالات مختلفة: كالمسرح، والرواية، والقصيدة، والأغنية، واللوحة والجدارية والتمثال. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد مسرح الحكواتي، وأغاني فرقة العاشقين، وموسيقى فرقة صابرين، وسرديات اميل حبيبي، وقصص غسان كنفاني، وشعر راشد حسين وسميح القاسم ومحمود درويش وغيرهم الكثير.

 

לכידה

أسد عزّي، العم جبر علي عزي، زيت على رزنامة 41-55 سم 2016

شعب شكّل له تواجدًا ايدو- ثقافي بالكلمات والألوان والرقصات، فعبّر عن فظاعة المأساة وكبر الفاجعة، ولكنّه أعلن أيضا عن إصراره على مقاومة الغبن، واستعادة الإرادة، وتوظيف مقدراته ومواهبه للوقوف باستقامة المجاهد، كمن له الحقّ باسترجاعه. إنّه فنّ المناضل المقاوم، لكنّه أيضا المجدّد والمبتكر والمفاجئ.

منذ البدايات وإلى يومنا هذا كل خطّ يخطّه مبدع فلسطينيّ، وكلّ حكاية يحيكها، كلّ قصيدة وأنشودة يغنّيها، تصبّ كلّها في تشكيل خارطة كيانه الحضاريّة، الثقافيّة، الإنسانيّة والسياسيّة، مشكّلا بذلك هويّة لا يمكن تجاوزها. الفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ في الداخل، وفي بلاد العرب المختلفة والمهجر البعيد، كان وما زال متفرّدا بتهجينه للغات تشكيليّة مختلفة، وأحيانًا متضادّة، حيث آثر الفنّان الفلسطينيّ أينما كان على تطويعها لمتطلباته الجماليّة المتضاربة، المركّبة، والمعقدة. كما نرى أنّه سلك مناهج السرديّة التاريخيّة، هذا بالإضافة للرمزيّة والتراثيّة والثوريّة، وذلك من أجل التعبير والتدليل على الواقع الشخصيّ من جهة، والجماعيّ من جهة أخرى. إنّه عبارة عن تصوير زخم للذات الفلسطينيّة التي فرضت على كل مبدع، مخلص لقضيته، أن يطوّر لغته التشكيليّة وكأنّها سلاح يحمله للمقاومة، بل هي التي كانت أنجعها في الظروف السياسيّة المحليّة والعالميّة المواتية. فعلى سبيل المثال نرى مجموعة من الفنّانين التشكيليّين الفلسطينيّين أمثال عبد عابدي، وليد أبو شقرة، تمام الأكحل، فلادمير تماري وغيرهم من الذين حملوا الهمّ السياسيّ ووظّفوه من خلال أعمالهم المختلفة.

في الفنّ الفلسطينيّ المتجدّد لم يكن هناك تحفّظ على النزعة التجريبيّة والطبيعة الطلائعية التي اتّسم بها هذا الفنّ. فهكذا نرى محاولات الرسم بمواد بديلة كالحناء والجلد ( نبيل عناني)، والتراب المخلوط بالتبن (سليمان منصور، وأسد عزي)، والحرق على الخشب (تيسير بركات)، وبقايا نفايات معمارية (جواد المالحي)، ومواد زركشيّة بلاستيكيّة رخيصة الصنع (طالب دويك)، ومواد غير متوقعة أخرى. ثم يمكننا ذكر التجديد في الوسائل والتقنيات كإقحام الرسم بالنحت بالعمل اليدوي بروح الدعابة (أشرف فواخري)، وتمزيق القماش والصاق خشب العمار وقطع الحديد المستعملة (زهدي قادري). زد على ذلك بالنسبة للمساحة الحرّة التي كانت من رصيد مشاركة المرأة في حركة وتجديد الفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ، سواء في المضامين أو في الأساليب. يرجع السبب، حسب تقديري لكون كلّ هذه الإبداعات كانت عبارة عن نوع من المقاومة، إمّا للداخل العربيّ المتخاذل والتقليديّ والرجعيّ، أو للخارج المتجاهل، الممانع، القامع والمنتفع. فنجد الفنّ النسويّ الخطابيّ يشاكس ويرفع سبّابة الاتهام بوجه الرجل الشرقيّ وتراث مفاهيمه الذكوريّة المهمّشة لدور المرأة في مسارح الحياة. أسماء مهمّة في حركة التشكيل الفنّيّ الفلسطينيّ أمثال: حنان أبو حسين، رائدة سعادة، فاطمة أبو رومي، ليلى الشوّا،  نبيلة حلمي، جمانة اميل عبّود، منار زعبي، منال محاميد، أنيسة أشقر وغيرهن الكثيرات.

לכידה

أنيسة أشقر، احن الى خبز امي (محمود درويش)، 2005. تصوير: روني كورين
الحقوق محفوظة لبيت الكرمة، المركز الثقافي العربي اليهودي، حيفا

 

كان وما زال على المبدع الفلسطينيّ أن يخلق نفسه من جديد، بلغة مستحدثة، بعيدًا عن بريق أضواء المتاحف وجدران الصالات، بعيدًا عن إملاءات المكان والزمان. كان فضاؤه مفتوحًا، فاستعار، وركّب، وفكّك، ومزج، فكان أوّل من بشّر بطبيعة فنّ “ما بعد المعاصر” أي “البوست مودرن”، فلا حرج فيه لسمات التغريب، والترقيع، والانتقائية، والاستعارة، وتماهي أحداوية المكان والزمان، وثورية استعمال المواد في صنع الحدث التشكيليّ المفاجئ والغير متوقع. إنّه يحمل في عروقه العفويّة المتزامنة بالدقّة والالتزام، كما يحمل تلك السرديّة المشفّرة والرمزيّة التي نعرفها أيضأ في الأدب الفلسطينيّ. إنّه الفنان الذي يبدع بلغات تشكيليّة مختلفة ومتضاربة، وبأساليب متعدّدة بنزعات فكريّة محليّة، وأخرى تركيبيّة فتفكيكيّة، وغيرها من المدارس الفنيّة التقليديّة كالإدراكية والتعبيريّة والواقعيّة والرمزيّة الغربيّة (كأعمال أحمد كنعان، إبراهيم نوباني، خالد حوراني، أسامة سعيد، ميخائيل حلاق وغيرهم). 

هذا التنوع والتعدّد قد واكب الحِراك التشكيليّ الفلسطينيّ في كل مكان تواجدت فيه الذات الفلسطينيّة بمستويات تقنيّة وإدراكيّة مختلفة، فكان فنّ الجداريّات (لغة الشارع المباشرة)ـ ألا هو فنّ العامّة، فنّ الشّعب الذي عبّر من خلاله عن غضبه وآلامه بنصوص وشعارات مقروءة، ومفهومة ومتاحة للقاصي والداني، وقد شكّلت أحيانا سرًا، وعلى وجه السرعة لكي لا يكشفها الرقيب فيزيلها. لقد رأينا كيف أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قد فرض على شبّان فلسطينيّين مَحْوَ تلك الجداريّات التي من هذا النوع لكونها معبّئة للجماهير، ومُناوِرَة للمحتل، ومناهضة للاحتلال.

وكان فنّ الصحافة، وخاصة فنّ الكاريكاتير الساخر بطبيعته، ألذي قُتل أحد روّاده  بسبب نقده اللاذع والساخر (ناجي العليّ). وكان فنّ التسجيل بواسطة الفيديو، الذي انتهج صفة الوثائقيّة، فدوّن بالكلمة والصورة أفعالًا مشينة لجيش الاحتلال، وقطعان المستوطنين، كما سجّل حياة الفلسطينيّ وظروف عذاباته من خلال أعمال رائدة في الفنّ التشكيليّ كأعمال رائدة أدون، إميلي أبو جاسر، منار زعبي، منال محاميد، بشّار الحروب وغيرهم. وهناك التصوير الفوتوغرافي الذي أوصل الصور الواقعيّة التي لا غبار عليها لما يمرّ به الشعب الفلسطينيّ من مآسٍ مختلفة، سواء هنا، أو في أماكن أخرى من الشرق العربيّ (أحلام شبلي، مهند يعقوبي وآخرين). كما وأتى المشهد التركيبيّ /التنصيبي فمسْرّحَ الحالةَ بجلّها بجرعات مقتضبة ومركّزة، فكانت على الغالب قاسية المفعول (كأعمال أنيسة اشقر).

من خلال قراءة التاريخ الفلسطينيّ المعاصر نرى إنّه كان هناك دائمًا من يحارب المبدع الفلسطينيّ ويحاول القضاء عليه وكتم صوته، فكأنّ إخماد الصوت الفلسطينيّ كان مهمّة عربيّة قبل أن تكون أجنبية. بالرغم من ذلك، نجد لغات فنيّة مستجدّة قام بتأليفها الفنّان الفلسطينيّ فوصل بها إلى العالميّة، فكشفت عن قدراته وفنّه وهمّه الجمعيّ في متاحف الدول الغربيّة. وبهذا أثبت الفنّان الفلسطينيّ أنّه إبداع يستحقّ العرض والتقدير، ورسالة إنسانيّة يجب الالتفات إليها. إنّه فنّ شعب سُلب منه وطنه فخلق له أشكالًا من الأوطان البديلة: شعرًا، ورواية، وفيلمًا، ومسرحًا ولوحة (منى حاطوم، سامية حلبي، كمال بلاطة، بشير مخول، عيسى ذيبي وغيرهم).فنّ بدون صالات عرض، ولا متاحف، لا نقّاد للفنّ، ولا مؤرّخين له، ولا مقتنيين، ودون مؤسّسات راعية، كل هذه الأسباب كان يمكن أن تُجهض تمامًا كل عمليّة للإبداع الفنيّ الفلسطينيّ، أو على الأقل  تسلبه لبّه، إلا أنّها بالأخير صبّت كلّها في صالحِهِ، فأضحى فنّ حرّ، متمرد، زخم، لا رقيب يرقبه، فغدا يعرّف نفسه بنفسه، ويحدّد الممنوع والمتاح، إنّه فنّ منحته الظروف الفرصة لخرق المعهود والمألوف في الأعراف التقليدية الفنيّة فاستجاب لها.

أضف إلى الحالة هذه تزامنها مع انفراط وانفلات الهيمنة الأمريكيّة على الفنّ المرئيّ العالميّ، وانتقال مراكز القوى إلى مدن أخرى، وخاصة إلى أوروبا، كبرلين ولندن وميلانو وبرشلونة. ثم هناك ظاهرة كسر الطوق حول دول العالم الثالث، وإقامة معارض موسميّة للفنون في اسطنبول والشارقة وغيرها من بقاع الأرض، بحيث تجذّرت فكرة اللا-مركزيّة وتعدديّة المدارس والمذاهب في الفنّ التشكيليّ المعاصر، فلم يعد هناك مفعول  للنقد والتقويم والتحكيم السائد والمهيمن من الغرب، فضاع المعيار بين الراقي والهابط، بين الشعبيّ والمتداول، وبين المنتقى والأسمى. وهكذا نرى بأنّ المقتني، حامل الدرهم والدينار، هو الذي أصبح يحدّد السعر والذوق الفنّيّ العالميّ، وهو الذي يقرّر ما هو المطلوب والباهظ الثمن، وما هو خارج المعادلة أو المنبوذ من صالات العرض. هنا يجب أن أنوّه بأنّ المقتنيين الكبار كانوا وما زالوا أصحاب الثروة الأغنياء، وأصحاب المصالح، الذين همّهم المتاجرة بالفنّ وإبراز ما هو المريح والمسلّي، لذلك كان أوّل المتضررين من هذه الظاهرة هي فنون العالم الثالث التي تستمدّ إلهامها من آلام وهموم الشعب، فتعرض في المحافل الدولية كبادرة حسن نيّة من أقطاب العالم الغنيّ، ثم تتوارى بسرعة وتختفي عن الأعين إلى غير رجعة.

بهذا السياق أرى أنّ الحركة التشكيليّة الفلسطينيّة، والتي تعتبر فتيّة العهد والتجربة، هي أوّل من عانت وتعاني من محاربة وتجاهل الجهات التي تملك الذراع والباع في المحافل الفنيّة المهمّة في العالم، لأنّ قبولها عند الآخر لم يعد أمرًا فنيًا ثقافيًا وتربويًا فحسب، بل يجرّ معه إلى المنصّة قضيّة وهويّة يريد الكثيرين طمسها وتناسيها. أي نعم، هذه الهويّة الفنيّة واضحة المعالم يرسم ملامحها أفراد وجماعات صغيرة من الفنّانين والفنّانات، إلّا أنّها في كل الحالات وبكل الأساليب والخامات، وأينما وُجِدَت فهي  تؤدّي وظيفة الجهاد الفنّيّ للوجود والتواجد. إنّها هويّة من افتقد وطنه أرضًا ومسكنًا، لكنّه يصنع حضورًا تاريخيًّا مستقلًا ليصبح شعبًا معروفًا يُحتفَى به فيشارك أينما تواجد بتطوير وبناء البلاد بشتى المجالات والمهن، لكنه لم ينسَ أبدًا حنينه وحبّه لبلاد الأجداد، وخاصة أنّ له فيها إنسان وذكريات للمكان والزمان. [/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”أسد عزّي” image=”644″]

اسد عزي هو فنان تشكيلي ومدرّس فنون في جامعه حيفا وفي أكاديمية الفنون في بيت بيرل.

[/our_team][/vc_column][/vc_row]

[vc_row full_width=”” parallax=”” parallax_image=””][vc_column width=”3/4″][vc_column_text css_animation=”appear”]حدِّثيني عن نفسك، وعن فنّك، وعن الصعوبات والتحدّيات التي واجهتِها، وكيف أثّرت على مشروعك الفنّيّ.

بدأتُ بالرسم في سنّ مبكّرة جدًّا. إخوتي أطلقوا عليّ “جمانة الحسيني”، فهمت في فترة لاحقة أنّها رسّامة فلسطينيّة تعيش في المهجر. في سنّ السادسة عشرة، قرّرت أنّني أريد أن أصبح فنّانة. حاولت الالتحاق بجامعة حيفا، لكن رُفضتُ بسبب صغر سنّي. بتوصية من أخي عامر (رحمه الله) بدأت الدراسة في كلّيّة عيمك يزراعيل (مرج ابن عامر)، وتتلمذت هناك لمدّة ثلاث سنوات على يد النحّاتة داليه مئيري وعملت مساعدة لها. بعد ذلك قرّرت التوجه للدراسة في معهد بتسلئيل للفنون في القدس، فقمت بالتسجُّل للدراسة هناك بتشجيع ودعم من والدَيّ. أبي كان شديد الفخر بأنّ ابنته ستكون الطالبة العربيّة الأولى التي تدرس الفنّ في بتسلئيل. في تلك الفترة، لم يدرس الكثير من الطلاب العرب في بتسلئيل، وحتّى اليوم لا يزال أساتذتي يتذكّرون كيف رافقني أهلي إلى بتسلئيل حاملين تماثيلي بأيديهم.

في بتسلئيل درست أربع سنوات وحصلت على اللقب الأوّل في الفنّ، ودرست سنة تخصّصيّة، ودراسات متمّمة في مجال السيراميك. عندما أنهيت السنة الرابعة، أدركت وأعلمت الجميع أننّي سأكون فنّانة، لكن الأمر قوبل بالرفض الشديد من قِبل أبي وإخوتي. أنا ابنة وحيدة بين أربعة صبيان، وكنت عندها في السادسة والعشرين من عمري، وكان يُفترض بي عندها أن أكون متزوجة، لا أن أكون فنّانة أو أن أسعى لبناء مشواري المهنيّ. بالنسبة لعائلتي، أنْ أتعلّم هو أمر مقبول بل مطلوب ومرغوب فيه، لكن أنْ أصبح فنّانة هو أمر مختلف تمامًا.

بعد حصولي على اللقب الأوّل، درست لنَيْل شهادة التدريس، ومن ثَمّ اللقب الثاني في تاريخ الفنّ، وتوجيه المجموعات، وإدارة المؤسّسات الفنّيّة والثقافيّة، وعملت مساعِدة تدريس. علاوة على ذلك، درست الفنّ الإسرائيليّ وإدارة المؤسّسات الفنّيّة في جامعة تل أبيب.

المنافسة في بتسلئيل كانت شديدة، وكان عليّ أن أواجه الكثير من الصعاب، وأن أتعلّم اللغة والمصطلحات واللغة في الفنّ الحديث والفنّ المفاهيميّ (Conceptual art). كان عليّ أن أتعلّم كيف أعبّر عن نفسي، وأتحدّث، وهذه أمور لم نعتد عليها؛ لا أن نعبّر عن أنفسنا ولا أن نتحدّث في أمور الفنّ. أتذكّر أنّني لم أتحدّث قَطّ في السنة الأولى، وفي السنوات التي تلتها كنت حاضرة وبدأ الطلّاب يهتمّون بما أفعلّ. في السنة الثالثة، حصلت على جائزة شاريت، ولم يكن من السهل الحصول على جائزة كهذه.

اهتممت دائمًا بعدم تجاهل هُويّتي، لكنّني لم أنشغل بهُويّتي كفلسطينيّة قدر انشغالي بهُويّتي كامرأة . تعرُّفي وانكشافي على الفكر النسويّ وقراءة الأدبيّات النسويّة أثّرا عليّ أيّما تأثير خلال الدراسة. وكان لعملي مع النساء اللواتي يعانين من ضائقة عظيمُ الأثر عليَّ. المواضيع التي أعالجها في أعمالي ترتبط في الأساس باضطهاد النساء، وقتل النساء، والعنف ضدّ النساء. في الواقع الذي أعيش فيه ثمّة فرق في التعامل والتربية بين الذكور والإناث. تعاطيت مع موضوع اضطهاد النساء الذي يبدأ في البيت وأعمالي الفنّيّة تعالج هذه القضيّة في الأساس.

ما هو التيّار الفنّيّ الذي تنتمين إليه أو تتواصلين معه في أعمالك الفنّيّة؟

اليوم، في عصر ما بعد الحداثة، يجري تعريف الفنّان كفنّان مفاهيميّ (تصوّريّ) أو فنّان تشكيليّ. أنا أقوم ببناء المنشآت. بداية أفكّر بفكرة معيّنة، بمفهوم مركزيّ، وبالموادّ التي أريد استخدامها، وبتقنيّات العمل. ثمّة وفرة من الموادّ بيد الفنّان. المُحتَرَف الفنّيّ هو المختبر الذي أشعر فيه أنّني أستقصي في عملي الفنّيّ أو أفحصه. لا أعرّف نفسي رسّامة، لكنّني أستطيع استخدام الرسم أو التصوير أو أيّة وسيلة أخرى. على الرغم من ذلك، أعرّف نفسي بأنّني فنّانة تشكيليّة.

צילום מסך 2016‏.05‏.23 ב‏.09.47.14

حنان أبو حسين، MEMANTRY FREEDOM, 2015، تقنية مختلطة، حديد باطون، غاليريا بربور، تصوير: أريك فورتمان

ما الذي يميّزك كفنّانة برأيك؟

أعتقد أنّ عملي كفنّانة مختلف وخاصّ. الموضوع الذي يشغل بالي في عملي الفنّيّ هو اضطهاد النساء وقتلهنّ، وقد بدأت أخوض فيه قبل عَقْدَين من الزمن، بينما اليوم أصبح صرعة دارجة.

في عملي نوع من الاستمراريّة، لكنّه يحمل في طيّاته حراكيّة وتطوّرًا كذلك. لا أنسخ نفسي ولا أستنسخها. أتغيّر دونما انقطاع، وأريد أن أدخل أمرًا جديدًا إلى داخل أعمالي الفنّيّة، وإن كان الحديث يدور عن الموضوعة ذاتها. قد تكون لغتي لغة دوليّة. الانشغال بقمع النساء هو انشغال عالميّ. ليس فلسطينيًّا ولا إسرائيليًّا. كلّ امرأة تستطيع التماثل مع أعمالي. أنقل عملي من المكان الشخصيّ إلى المكان الكونيّ العامّ. على الرغم من انكشافي على الفنّ التشخيصيّ- التمثيليّ (فيغوراتيف) والنحت التشخيصيّ- التمثيليّ، وعلى الرغم من تجاربي ومعارفي الواسعة في عالَم الموادّ، ما زلت أتعامل مع عملي مع المواد على أنّه أمر فائق الأهمّيّة. عندما أبني الفكرة أو المفهوم، يهمّني أن أوصل ذلك للآخر وللغريب. يهمّني جدًّا أن أنقل هذه الأساليب. عندما أستخدم الموادّ الصناعيّة القائمة اليوم، لا تمْكِن الإشارة إلى أعمالي بأنّها عربيّة أو إسرائيلية أو غير ذلك. لقد تغيّرت اللغة، وأصبحت لغة عالمية.

حدِّثيني حول مشاركتك في معارض في البلاد وخارج البلاد، وكيف يتفاعل الناس مع أعمالك الفنّيّة.

شاركت في أكثر من 150 معرضًا مرموقًا في متاحف وصالات عرض فنون في أرجاء العالم. أحد المعارض  التي شاركت فيها كان في مِندوف غاليري سان تْوا في باريس وجاء بعنوان “Lieu Commun ” (“المفهوم ضمنيًّا”)، وذلك في العام 2005، حيث شارك فيه فنّان فلسطينيّ، وفنّان فرنسيّ، وفنّان تونسيّ، وآخر إسرائيليّ. عملي كان حول الشَّفرات (السكاكين)، وقد مثّلت من خلاله اضطهاد النساء وقتل النساء بحجة شرف العائلة. هذه الشَّفرات استخدمها الرجال ذات مرّة لحلاقة الوجه. عندما نصبتُ المعرض ودخل الناس إلى فضائه، شعر بعضهم بالتهديد وشعر آخرون أنّ الشَّفرات المعلَّقة فوق رؤوسهم تقطّعهم إرْبًا إرْبًا. بينما لي  كانت ندوب في يديّ بعد حلاقة الشعر عنها، كان ذلك ترميزًا للندوب التي بقيت على الجسد الأنوثيّ من  الشَّفرات والتي هي ليست سوى شفرات يستخدمها الرجال لحلق ذقونهم. في معرض آخر في باريس في العام 2006، شاركت بعمل أطلقت عليه اسم “blanket of my mother”، وكان له أصداء واسعة وإيجابيّة. ومعارض أخرى، إحداها في برلين في غاليري “آرتنويلاند” (“فنّ البلاد الجديدة”) الذي تديره فنّانة إسرائيليّة تعيش في برلين وتُدعى ياعيل كاتس بن شالوم، وتستضيف فيه فنّانين إيرانيّين وألمانًا وفلسطينيّين وإسرائيليّين. وشاركت في معارض كثيرة اخرى في البلاد والخارج.

צילום מסך 2016‏.05‏.23 ב‏.09.48.28

حنان أبو حسين، MEMANTRY FREEDOM, 2015، تقنية مختلطة، حديد باطون، غاليريا بربور، تصوير: أريك فورتمان

 

كيف تستطيعين الصمود في حقل الفنّ الصعب بدون ميزانيّات ودعم؟

أموّل نفسي كفنّانة من خلال العمل في تدريس الفنون. أواجه العديد من الصعوبات، ومنها المشاركة في المَعارض بدون تمويل أو بتمويل رمزيّ فقط. يحصل الفنّان في البلاد هنا على تمويل حكوميّ ما دام يعمل في مُحتَرَفه، على عكس أوروبا على سبيل المثال. هنا الكثير من الفنّانين يعملون في مجال تدريس الفنون، أو بعمل آخر إضافيّ لعملهم في محترَفاتهم. بعض التمويل للأعمال الفنّيّة يتأتّى من الجوائز التي تدعم الفنّان، لكن الأمر متوافر مرّة كلّ ثلاث سنوات، وبعض الفنّانين لا يحصلون على الجوائز بتاتًا. معظم مشاريعي وأعمالي التنصيبيّة باهظة التكلفة، ولذا أجدني مرغَمة على العمل بثلاث وظائف كي أموّل نفسي، وأسدّد تكلفة إيجار المُحتَرَف.

الكثير من الفنّانين يتوقّفون عن الإبداع بسبب ضرورة البحث عن مصدر رزق ومعيشة، وهذا الأمر يخيفني ويقضّ مضجعي، أي أن أتوقّف عن الإبداع بسبب الوضع الاقتصاديّ. لذا عليّ أن أعمل على نحوٍ مكثّف طَوال الوقت، وعندها يأتي وقت العمل على المشاريع الفنّيّة والتي تكون عادة على حساب الحياة الخاصّة. بعد يوم عمل طويل، أذهب إلى المحترَف وأعمل هناك حتّى منتصف الليل. هذه الأوقات أستغلّها للإبداع، والمحترَف هو مكان عمل آخر، وعليّ أن أنتج فيه كأيّ عمل يصل الإنسان إليه، وأمنحه كلّ وقتي. الاختيار أن تكوني فنّانة ليس سهلًا البتّة لكننّي أعمل في مهنة أحبّها جداً.

ما هي طموحاتك ومشاريعك المستقبليّة؟

قال لي أحد المحاضرين ذات يوم (وتربطنا اليوم صداقةٌ وثيقة): إن كنت فنّانة بدون جوائز، فلستِ ذات قيمة. منذ ذلك الحين، أصمّم  وأعمل جاهدة للحصول على جوائز، ووفعلا حصلت على جوائز كثيرة منذ مرحلة الدراسة حتّى الجائزة الأخيرة، وهي جائزة وزيرة الثقافة والرياضة للفنّ التشكيليّ للعام 2014. فزت كذلك بجائزة كتاب فنّان من قِبل مفعال هَبايس في العام 2012، وجائزة فنّان في المجتمع المحلّيّ من قِبل وزارة الثقافة في العام 2012، وجائزة تشجيع الإبداع من قِبل وزارة الثقافة والرياضة في العام 2010، وجائزة الفنّان الشابّ في العام 2004، وجائزة صندوق شاريت في العام 2005، وجائزة هاينريخ بل في العام 2002، وجائزة صندوق أمريكا – إسرائيل في العام 2000-2002، وجائزة صندوق أمريكا- إسرائيل في العام 1998-2000، وقامت بعض المتاحف باقتناء عدد من أعمالي الفنّيّة ومن بينها متحف رمات غان ومتحف عين حارود.

وجْهتي اليوم نحو خارج البلاد والعالم الواسع. عرضت أعمالي في معارض دوليّة لفنّانَيْن اثنين، ومعارض جماعيّة وأخرى غيرها. لا أنتمي لأيّة صالة عرض فنون، فلسطينيّة كانت أم إسرائيليّة. حرّيّتي مقدّسة، وأتمنّى أن أقدّم معرضًا منفردًا في خارج البلاد والوصول إلى المتاحف. أقوم بكلّ هذا لوحدي على الرغم من صعوبة الوصول بدون أمين معرض.

وهل من كلمة ختاميّة؟

أودّ أن أقدّم شكري لأمّي ولأخي عامر (رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه). لقد دعمني كلاهما دعمًا لا يعرف الحدود أو التحفّظات، ولم أكن لأَبْلغ ما بلغته دون دعمهما.

يهمّني أن أذْكُر أنّني فنّانة ناشطة على المستوى الاجتماعيّ والسياسيّ، وقد كنت ناشطة في الفترة الواقعة بين العامين 2005 وَ 2006 في حركة “فنّانون بلا حدود”. تبرّعت بعدد من الأعمال الفنّيّة لصالح حرّيّة التعبير والرأي. إلى جانب ذلك، أدرّس في متحف إسرائيل مدرّسين عربًا ويهود، وأحاضر في كلّيّة شنكار في قسم الفنون، وأدرّس الفنّ في مدرسة العيساويّة الابتدائيّة للبنين، وأصل بين حين وآخر إلى الخليل كمتطوّعة لتدريس الفنون للأطفال. عندما آتي إلى الخليل أو العيساويّة أو متحف إسرائيل، أشعر بالازدواجيّة التي تسير معي في هذه الأماكن، وكمن تعيش في عالَمَيْن وحَدَّيْ نقيض. هذه الازدواجيّة ليست سهلة ألبتّة، لكن الطفل هو طفل، ويهمّني أن أدرّس، فالأمر يمنحني الكثير ويؤنس روحي. بالنسبة لي، هذا العمل هو رسالة تضخّ في نهاية الأمر روحَ الإبداع في مشروعي الفنّيّ.

 


 

حنان سعدي، مركّزة مشاريع في مركز منارات للعلاقات اليهودية العربية، ومجال المجتمع المدني في معهد فان لير، وعضو هيئة تحرير مجلة منبر فان لير للنقاش والبحث حول اليهود والفلسطينيين.[/vc_column_text][/vc_column][vc_column width=”1/4″][our_team style=”vertical” heading=”حنان أبو حسين” image=”626″]
حنان أبو حسين هي فنّانة ومبدعة فلسطينيّة، وهي تملك مُحتَرَفًا (أستوديو) في “الغاليري الجديد- ورشات الفنّانين في القدس”، وتعمل كذلك مدرّسةً للفنون. وُلدت حنان في أمّ الفحم، وتعيش وتعمل في القدس منذ العام 1996.

[/our_team][/vc_column][/vc_row]